الصادق سمل، والد شهيد ثورة ديسمبر عبد الرحمن، يعتبره الكثير من الثوار )أيقونة( لثورة ديسمبر المجيدة وبطالً ذا رؤية
ثاقبة في ترسيخ مفهوم العدالة االنتقالية بعد أن تسامى فوق ُجرحه الغائر، بعد فقدانه البنه بآلة القمع في عهد الرئيس المخلوع
عمر البشير، يعتبر الصادق سمل، أن فقدانه البنه أكسبه الماليين من أبناء الشعب السوداني، وأن ما تبقى له من عمر سيقصره
على العمل من أجل عدم تكرار ما حاق بابنه وأال يكتوي اآلباء بفقدان فلذات أكبادهم بسبب قمع الدولة.
برنامج )بناء الحوار الوطني( الذي يقدمه مدير الهيئة العامة لإلذاعة والتلفزيون لقمان أحمد، في حلقته التي رصدتها )مدنية
نيوز( يوم السبت الماضي، استضاف الصادق سمل والد الشهيد عبد الرحمن يرافقه النائب السابق لرئيس حزب التحالف القومي
السوداني محمد فاروق.
ويعتبر الصادق سمل، أن الدم السوداني تاريخياً ظل في حالة تدفق باستمرار في متوالية هندسية، ولم يتوقف الدم حتى الوقت
الحالي.
سمل يفيض بالقول: في هذه اللحظة التاريخية للسودان يجب أن نستثمر بشكل جديد في الدم الذي سال بكثافة، ونعتبره كثروة
قومية وندفعه كمهر لوقف تدفق المزيد من الدماء مجددا،ً وأن نعمل على أال تتكرر آلة ضخ الدماء من جديد، هذا ما أؤمن به،
في السابق كان الناس ينظرون للدم كفرصة ووسيلة لتثبيت الحكومة والسياسيون يعتبرونه كآلية ناجحة لتغيير الحكومات وهذا
هو الثابت في تاريخ الحياة السياسية في السودان.
ُء السياسيين للسلطة، وعندما يصل السياسيون
ويردف بالقول ”الثابت في تاريخ الحياة السياسية في السودان هو أن يأخذ الشهدا
لهذه السلطة، واآلن يمكننا أن نتساءل هل يتذكر أحد منا شهداء ثورة أكتوبر
للسلطة ينسون الشهداء الذين دفعوا دمهم ثمناً غالياً
وأبريل؟، ويجيب سمل بالنفي، ويعبر عن تفاؤله بشباب ثورة ديسمبر الذين يحافظون على شرارة الثورة وجعلها متقدة
ويتعلمون من أخطاء الماضي والمحافظة على جذوة الثورة وتحقيق شعاراتها وأهدافها المشروعة.
أسر الضحايا تتسامى
ورأى الصادق سمل في حديثه أن الضحايا وأسرهم يتقدمون في الرؤية الوطنية على السياسيين والعسكريين، ال سيما وأن أسر
الضحايا طرحت رؤيتها لمعالجة األزمة عبر العدالة االنتقالية التي تستهدف اإلصالح في بنية مؤسسات الدولة وتعمل على
تحقيق شعارات الثورة )حرية، سالم وعدالة(، ويعتبر سمل، أن العدالة االنتقالية تسمو على العدالة الجنائية باعتبارها أشمل
وأوسع وتعمل على اإلصالح الشامل وتبرز القيم اإلنسانية الجميلة )العفو عند المقدرة(، ورهن نجاح العدالة االنتقالية إذا
صاحبتها الحقيقة، وقال ثورة ديسمبر أتت بحكم مدني لكن ال يزال الدم السوداني يسفك في المدن واألرياف، وتمنى أن تكون
للحكومة الجدية واإلرادة الالزمة لتحقيق العدالة واالستفادة من مكتسبات ثورة ديسمبر.
الصادق سمل، يرى أن نموذج اعتصام القيادة العامة ونهايته يعكس حالة الدولة السودانية في اإلزدواجية، ويسترسل بالقول:
)االعتصام في بدايته غاية في الجمال ويحمل كل القيم النبيلة ويجسد الرغبة الصادقة لالنتقال وحب الحياة والبالد، وإذا نظرنا
لفض االعتصام من قبل السلطة يوضح لنا فداحة السلطة والعسكريين والسياسيين والطمع ونفي اآلخر والقدرة على إحداث
األلم، هذا النموذج القريب يجب أال يُنسى )الدمج ما بين ثقافة حب الحياة والعطاء مقابل الشر المطلق.(
التزام الدولة
ويواصل الصادق سمل: جلست مع الكثير من أسر الشهداء، وجدتهم ال يتحدثون عن القصاص ألبنائهم، بل يتحدثون عن
مستقبل أبناء وبنات الشعب السوداني ويعملون على أال يكتوي والد ووالدة بمرارة الفقد، ويريدون االلتزام من الدولة بأن ال
تتكرر مثل هذه األفعال الوحشية مستقبال،ً ويجب على الدولة أن تتمسك بثمن العدالة، وحتى اآلن لم نجد االعتذار من السلطة
ألن هذه الجريمة النكراء قتلت الضمير السوداني، وعلى قدر بسالة وشجاعة الضحايا لم يسع ويتقدم الجناة لالعتراف وتحقيق
العدالة.
الصادق سمل، يعرب عن أسفه لعدم جديّة الحكومة في تشكيل مفوضية العدالة االنتقالية التي كان ينبغي صدور قرار تشكيلها
منذ األسبوع األول من عمر الحكومة، و)اآلن مضى أكثر من عامين وال تزال المفوضية في طي النسيان(، ويدعو المتحدث
لتشكيل اللجنة القومية للعدالة االنتقالية لتضم أسر الضحايا وشخصيات وطنية وأن تتسم هذه اللجنة باالستقالل وأن تتشكل من
داخل المجتمع وليس السلطة، باعتبار أن األخيرة غير محايدة ال سيما وأنها فقدت شرعيتها، ويقول )أدعوا ضحايا الدولة وأسر
الشهداء للتوحد في جبهة واحدة، والعمل على تغيير سياسات الدولة وتسخيرها لحب الحياة(.
المدخل التأسيسي
واتفق النائب السابق لرئيس حزب التحالف القومي السوداني محمد فاروق، في مفهوم العدالة االنتقالية مع الصادق سمل،
باعتبار أن العدالة االنتقالية هي المدخل األفضل لسودان مستقر متقدم يعمل قطيعة مع الدولة االستبدادية القديمة، ويقول: يجب
النظر للعدالة االنتقالية كمدخل تأسيسي لضمان وصيانة القوانين وضمان سيادة حكم القانون وتعزيز حقوق اإلنسان.
رسالة للبرهان وحميدتي
ويضيف فاروق: )ال يجب اختزال مفهوم العدالة في العدالة الجنائية فقط والقصاص، يجب أن يكون القصاص حياة، العدالة
الماضية في إقامة
االنتقالية تُبرز القيم العليا ”التسامح، العفو، االعتراف، والتسامي“(، ويتابع: نحن فشلنا طوال الستين عاماً
دولة وفق مفهوم الدولة، ومع وجود ثوار ديسمبر ال يمكن إنتاج نموذج الدولة القديمة، وهذه رسالة واضحة للبرهان وحميدتي.